في سابقة هي الأولى من نوعها تشهد الدنمارك مشاركة امرأة مسلمة من أصل فلسطيني ترتدي الحجاب عضوًا في مجلس بلدي, الأمر الذي رآه مراقبون تطورًا في مفاهيم المجتمع الدنمركي.
وحضرت أسماء عبد الحميد مساء الأربعاء, كعضو رديف, اجتماعًا للمجلس البلدي لمدينة أودينسي (جزيرة فيوني) ثالث كبرى مدن المملكة الاسكندينافية هو الأول لها، بعدما حلّت محل العضو الأصيل التي تقضي فترة إجازة.
وقد انتخبت "عبد الحميد" [27 عامًا] في هذا المنصب على لائحة الوحدة (يسار متطرف).
وحضرت وسائل الإعلام الدنماركية بكثافةٍ لتغطية جلسة المجلس البلدي التي تحولت إلى حدثٍ تاريخي في البلاد؛ كونه يسجل دخول أول مسلمة محجبة مضمارَ العمل السياسي في الدنمارك.
وقالت عبد الحميد للصحافيين: "أريد أن يقيِّموني على ما يوجد في رأسي وليس على ما يوجد على رأسي، أن يقيِّموني على السياسات التي أدافع عنها وعلى آرائي، وليس على ما أرتديه أو على طريقة أدائي تحية السلام".
وترتدي "أسماء" حجابها "بملء إرادتها", وترفض كذلك مصافحة الرجال، وقد حصلت على أكثر من 500 صوت في الانتخابات البلدية التي جرت في 2005 ما أهَّلها لأن تكون العضو الرديف الأول عن حزبها.
وهي أيضًا عضو رديف عن النائب عن حزبها في البرلمان جوهان شميدت - نيلسن. وأثار احتمال حلولها محل هذا النائب تحت قبة البرلمان جدلاً سياسيًّا واسعًا في البلاد منذ انتخابات نوفمبر 2007، لا سيما في أوساط اليمين المتطرف.
تطور المجتمع الدنماركي:
واعتبر بيتر سيبيرغ الأستاذ في جامعة أودينسي في تصريحٍ لصحيفة فاينس ستيفستيديندي المناطقية أن مشاركة هذه المرأة المسلمة المحجبة في اجتماعٍ لمجلس بلدي يعتبر "حدثًا في معاجم السياسة الدنماركية".
وأضاف: "ستؤثر على الجدل (الدائر منذ سنوات) حول الحجاب، لأن لدينا الآن مثالاً على امرأة مسلمة محجبة عضو في مجلس منتخب، ما يظهر أن الأمور تتطور في المجتمع الدنماركي".
ونالت دولة الدنمارك شهرة واسعة في السنوات القليلة الماضية بسبب الهجوم الذي شنته صحف دنمراكية على الإسلام والمسلمين هناك في قضايا تتعلق بالحجاب وممارسة الشعائر بشكل عام, وكان على رأس تلك القضايا الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم والتي نشرتها صحف دنماركية في العام 2006, بالإضافة إلى دفاع الحكومة عن نشر تلك الصور بحجة حرية التعبير.
ويشهد المجتمع الدنمركي تغيرًا ملحوظًا على المستوى الشعبي تجاه الدين الإسلامي والمسلمين, حيث أدى نشر الرسوم المسيئة إلى التعرف على الإسلام على نطاق أوسع, حيث تزايدت في الفترة الأخيرة أعداد الداخلين في الإسلام من الأوروبيين عامة والدنماركيين خاصة.
انتشار ظاهرة تعدد الزوجات في الدنمارك:
من جانب آخر كشف تقرير رسمي جديد عن انتشار ظاهرة تعدد الزوجات بين المسلمين في الدنمارك، وأكد التقرير الذي أعدته وزارة الرفاه والمساواة ونشر قبل يومين، على ضرورة الانتباه الحكومي إلى هذه الظاهرة واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد منها.
وأورد التقرير شهادات لعشرات من النساء المسلمات المتزوجات من رجال لهم زوجات أخريات, كما أورد شهادات لأئمة مساجد اعترفوا بقيامهم بتزويج رجال من زوجة ثانية وثالثة.
ويعتبر القانون الدنماركي تعدد الزوجات مخالفة قانونية يعاقب مرتكبوها بالسجن مدة تصل إلى أربع سنوات.
وقد سلطت الأضواء على ظاهرة تعدد الزوجات في الدنمارك قبل عام عندما اكتشفت السلطات أن أحد المترجمين العراقيين الذين جلبتهم الحكومة من البصرة إبان انسحاب قواتها من هناك متزوج من اثنتين وقد جلبهما معه، ولم تنته هذه القصة إلا عندما قرر المترجم العودة إلى العراق مع زوجتيه بعد أن طالبته السلطات الدنماركية بتطليق إحداهما.
ويبدو أن تقرير وزارة الرفاه الجديد حول هذه الظاهرة فتح شهية العديد من السياسيين المعادين للإسلام الذين وجدوا فيه مناسبة جديدة لمهاجمته, حيث طالب سياسيون بإجراءات حكومية صارمة لمحاربة هذه الظاهرة.
مسلمون يغادرون مؤتمرًا للمخابرات بعد التعرض للإسلام:
وعلى صعيد آخر غادر عدد من أعضاء الجالية المسلمة في الدنمارك المؤتمر الذي تنظمه دائرة المخابرات الدنماركية بعنوان (الإرهاب والاتصالات) في مقر وزارة الخارجية الدنماركية.
وكان سبب هذه المغادرة الجماعية الكلمة التي ألقاها عضو البرلمان عن حزب الشعب سورن إسبرسن والذي قال: إن وجود الإسلام هو المشكلة في العالم، ما حدا بالعديد من المسلمين المشاركين ومن بينهم إمام لمغادرة قاعة المؤتمر احتجاجًا على هذه الكلمة.
وجاء حديث إسبرسن بعد الكلمة الافتتاحية التي ألقاها جاكوب شارف والتي قال فيها: إن تقييم المخابرات في البداية كان بمساواة الإسلام والإرهاب، وهو بالضبط تمامًا ما تريده القاعدة. وفق قوله.
وزعم شارف أن "هذا ما تريده منظمة "إرهابية" كالقاعدة، كي تدعي أن الإسلام يتعرض للحرب وتشرع لباقي المسلمين استخدام الوسائل الإرهابية".